وكالة «ناسا» الفضائية تطور نظما لتفادي اصطدام الطائرات الآلية مع طائرات الركاب

طائرات آلية بنظم رادارية تخصص للأبحاث البيئية والجوية أو كمحطات اتصالات ومنصات لنقل البريد

لندن ـ واشنطن: «الشرق الأوسط»



قد يتقاسم الطيارون والمسافرون قريبا السماء مع طائرات آلية تحلق مراقبة الأرض بشكل متواصل. وبفضل نظام راداري صمم لمنع التصادم، ستتمكن هذه الطائرات الآلية من المحافظة على مسافة بينها وبين طائرات نقل الركاب. وإذا ما نفذ هذا النظام عمله بشكل سليم فإنه سيفتح السماء واسعة لتحليق الطائرات الآلية، وهو التحليق الذي يظل مقيدا في مناطق طيران محددة.
وقد قام طيارون اميركيون الربيع الماضي بإجراء اختبارات على مدى اربعة ايام، على ثلاث طائرات حلقت فوق صحراء مويافي، بحيث ظلت كل منها محافظة على مسافة 300 متر عن بعضها البعض. واجريت فوق منطقة جوية محددة وضيقة 20 من سيناريوهات التصادم المحتملة.

وكان واحد من الطيارين قابعا على الارض، أي على مسافة 3450 مترا عن مقصورة الطائرة التي يقودها، محاولا ابعاد هيكلها الآلي عن طائرات رفاقه المحلقين في الاجواء. وكانت الطائرة الآلية «بروتيوس» تحلق سوية مع طائرة «اف/ايه 18» وطائرة «بيتسشكرافت». وجاءت هذه الاختبارات في سلسلة تجارب تعكف على تنفيذها وكالة الطيران والفضاء الاميركية «ناسا» في مختبر مركز درايدن لابحاث الطيران في ادواردز في كاليفورنيا، على نظام تفادي التصادم باستخدام الطائرة الآلية «بروتيوس» التي تستطيع أن تحلق على ارتفاعات شاهقة ولمسافات طويلة بوجود طيار أو من دونه.

ويقول باحثو المركز أن جزءا من العوائق الفنية في الطائرات الآلية، يتمثل في عدم مقدرتها على مجاراة مستوى السلامة في طائرات الركاب، إذ ان على الطائرة الآلية أن تكتشف وجود طائرات أخرى وتحدد موقعها، ثم تقرر إن كان من الضروري تفاديها. ومن دون هذه القدرات فستقيد سلطة الطيران الفيدرالية الاستخدام العلمي والتجاري للطائرات الآلية بشكل شديد.

* طائرات آلية

* لا تعتبر الطائرة الآلية لوحدها ذكية، فهي تحتاج لوجود شخص يتحكم بها عن بعد بواسطة كومبيوتر على الأرض. ومع أن هذه العملية تنجح في إبقاء الطائرة محلقة في الجو، لكنها لا تعوض عن نقص المعدات الضرورية لاستكشاف محيط الطائرة ومراقبة العوائق المقبلة. ويعمل العلماء في برنامج البحث البيئي لتكنولوجيا الطائرات والمجسات في مركز درايدن على تطوير هذه القدرات في الطائرات الآلية. وصممت «بروتيوس» أصلا لحمل هوائي اتصالات. وفي عام 1999 أصبحت هذه الطائرة إحدى منصات التجارب للبرنامج.

وتم تجهيز بروتيوس بنظام رادار بنطاق 35 غيغاهيرتز، طورته شركة «أمبيتيك إنترناشونال» الكندية، ويستخدم في طائرات الهليكوبتر لتحذير طياريها من اقتراب خطوط اسلاك شبكات الطاقة الكهربائية. ويجعل وزن الرادار الخفيف واستهلاكه المتدني للطاقة، استخدامه مثاليا على متن الطائرات الآلية. ويتوقع من الرادار على متن بروتيوس أن يراقب دائرة قطرها 22 كيلومترا. وحالما يتم اكتشاف عائق، ترسل المعلومات الى الأرض، حيث يقوم مراقب بالتقرير إذا كان من الضروري تغيير المسار.

ويتم إرسال المعلومات للأرض عبر وصلة «خط ـ رؤية ـ مباشر»، ووصلة أقمار صناعية، وهي التي ستمكن العلماء من مراقبة حركة الطائرة خلف الأفق. ويقول الخبراء إن الوصلة الثانية ستمكن العلماء من قياس المدة بين اكتشاف العائق ورد فعل الطيار على الأرض، أثناء وجود الطائرة الآلية خارج نطاق الاتصال المباشر.

وتعرضت بروتيوس الى سيناريوهات «شبه اصطدامات» مع شتى الطائرات شملت اقترابا من منطاد مليء بهواء ساخن بطيء الحركة، ومقاتلة «اف 18» تطير بسرعة 575 ميلا بالساعة. القوة الدافعة وراء اختبارات الطيران هذه، هي السلامة. وبسبب عدم القدرة على ترقب التصادم المحتمل، فعلى الطائرات الآلية أن تقلع في جو مقيد، إذ تستخدم بروتيوس أجواء قاعدة إدواردز في كاليفورنيا وترتفع الى الأعالي ثم تتبع رحلة طيران مقيدة وافقت عليها سلطة الطيران الفيدرالي.

وعلى سبيل المثال على بروتيوس أن ترتفع حتى 40 ألف قدم (12292 مترا)، قبل أن تستطيع الخروج من الجو المقيد، ثم تتبع رحلة الطيران التي أعدت بدقة. وهذا الارتفاع يرفع بروتيوس فوق الارتفاع الذي تستخدمه الطائرات التجارية على حوالي 35 ألف قدم (10668 مترا).

وتؤثر المدة للحصول على موافقة من سلطة الطيران الفيدرالي لرحلة طيران واحدة وهي حوالي 60 يوما، وغيرها من المقيدات، مثل تفادي الطيران فوق المدن والمناطق المأهولة والمزارع، على استخدام الطائرات الآلية. وهذه التقييدات تمثل عائقا لعلماء «ناسا» الذين يأملون أن يستخدموا بروتيوس للبحث البيئي والجوي وجعل الشركات التجارية تستخدم الطائرات الآلية كمحطات اتصالات.

واستطاع العلماء في برنامج البحث البيئي لتكنولوجيا الطائرات والمجسات أن يستخدموا رادار «أميتيك» للكشف عن الطائرات المجهزة بمرسل يكشف عن موقعها وارتفاعها. وتهدف الاختبارات الى زيادة دقة كشف الطائرة لطائرات لا تستخدم هذا المرسل، والى تمكين «بروتيوس» من ارسال لمعلومات للأرض في الزمن الفعلي.

ويعتبر هذا مهما لأن معظم الطائرات التي تطير على ارتفاع أدنى من 10 آلاف قدم مثل الطائرات التجريبية والطائرات الشراعية والمناطيد، ليست مجهزة بهذا المرسل وعلى الطائرة الآلية أن تترقبهم وتتفادى الاصطدام بهم. ويأمل العلماء أن يروا الطائرات الآتية، قبل وقت كاف للمحافظة على مسافة 500 قدم من السماء الخالية حول بروتيوس. وبعد أن تثبت الطائرات الآلية نفسها، بأنها بنفس مستوى سلامة طائرات الركاب، سيمكن استخدامها لاكتشاف حرائق الغابات أو كمحطات هواتف خلوية أو لحمل البريد وغيرها من الاستخدامات.

وتعتبر القدرة على اكتشاف طائرات أخرى وتفادي التصادم عائقا واحدا من عدة عوائق يجب التغلب عليها قبل أن تدخل الطائرات الآلية السماء. ويعمل علماء «ناسا» مع علماء سلاح الجو لتطوير أنظمة مستقلة تمكن الطائرة الآلية من الهبوط وتغيير مسارها بنفسها عوضا من الاعتماد على طيار يسيطر عليها من الأرض.

Comments